الاغذية غير المتوافقه قد تهدر طاقة الجسد

لاشك ان الغذاء كما يمدك بالطاقة، والصحة، أو ينفعك. فهو يضرك ايضا. إذا لم يكن غذاءً متوافقا، ومناسبا لجسدك، وحالتك. لذا علينا التعرف على الاغذية المتوافقة وغير المتوافقة، و مانحتاجه من الغذاء وما لانحتاجه، والطريقة السليمة للتعاطي مع الطعام، كل هذا يساعد على بناء جسدك، ويساعد على صحته. غير انه أمر قد يبدو بالغ الصعوبة، لكن الحكمة تقول أن ما لا يدرك كله لايترك جله.

سوف نتناول هنا في هذه السطور التالية مسألة الغذاء وعلاقته بالصحة من خلال بعض الأساليب التغذوية التي تحسب علاجية كنظام الماكروبيوتيك، و طرق الجمع بين الأطعمة وطرق التعاطي مع الطعام. ونرى إن كانت حقيقية أم انها لا أساس لها من الصحة.

سوف يتمحور الموضوع حول النظرية التي تقول ان هناك اطعمة لايصح تناولها مع اخرى، او الجمع بين الأطعمة المتوافقة في وجبة واحدة، وهي ماتسمى بالتوافق بين الأطعمة. وأثرها على التغذية، والصحة. حيث يقول انصار هذا الإدعاء أن هناك أغذية لايصح تناولها مع أغذية أخرى. كون ذلك يؤدي الى مشاكل تغذوية، وصحية للجسد. وسنتعرف بشكل عام على مدى الأثر الغذائي على الصحة، وعلاج الأمراض.

نظرية عدم توافق الاطعمة

لو مضينا في تلخيص هذه النظرية بشكل عام بإيجاز. نجد انها عبارة عن اختلاف بين الأطعمة، وطريقة هضمها. لذا لايصح الجمع بين الأطعمة المختلفة او المتناقضة. فهناك من الأطعمة مايتم هضمه سريعا، وهناك مايكون هضمه بطيئا. و كذلك اختلاف ماتتطلبه الأطعمة من الأنزيمات الهاضمة. كما ان هناك انواع من الأطعمة حامضية، والبعض قلوية.

هناك اطعمة كالنشويات على سبيل المثال تحتاج فيها الأنزيمات الهاضمة لتؤدي وظيفتها بشكل جيد الى بيئة قلوية. بينما الأنزيمات التي تهضم البروتينات تحتاج بيئة حامضية. فعندما تتناول مثل هذين الطعامين معا فهذا يتطلب ان تكون هناك بيئتين للهضم تعمل معا. وهذا قد يؤثر على عملية الهضم. فلا يعمل بشكل سليم.

توافق الاطعمة

القواعد الخمسة لنظام التوافق الغذائي

بشكل عام، لو نظرنا الى هذا النظام الغذائي منطقيا لوجدناه من افضل النظم الغذائية الصحية المهمة. و يعطيك أفضل القواعد الصحية للتعاطي مع الطعام. لكن الى اي مدى يتوافق هذا المنطق مع علوم الصحة.

قد يخلط البعض بين هذا النظام، ونظم أخرى، خصوصا النظم التي تتعلق بالحمية، او تجنب بعض الأطعمة لإسباب معينة. الا ان هذا النظام لا يدخل في اساليب الحمية او أنه ينصحك بنظام غذائي معين، لكنه نظام سلوكي بحت لكيفية التعاطي مع الطعام، وأسلوب صحي لطريقة تناول الطعام فقط. انه نظام متسامح مع النظم الأخرى كالحمية، وغيرها، بل و يمنحها ارضية مناسبة. حيث بجعلك مهيأً للتكيف مع اي نظام غذائي صحي بسهولة.

هو نظام يعلمك كيف تتناول الطعام ومتى بشكل صحيح، وليس يعلمك مايخصك من الطعام. فما يجب ان تأكله او لاتأكله حسب حالتك فهذا أمر آخر. 

إليك القواعد الخمسة التي يبنى عليها هذا النظام الغذائي بشكل عام، وقد استشفيناها من متطلبات هذا النظام ولخصناها في خمسة قواعد شاملة ومختصرة و هي:

  • لا يصح تناول الكربوهيدرات البسيطة الا بمفردها على معدة فارغة. (مثل الفواكه، وغيرها من المحليات).
  • تجنب شرب المياة، والسوائل عقب تناول الطعام مباشرة.
  • يجب أن تكون الوجبة الواحدة تحتوي على نوعية متوافقه من الطعام.
  • عليك أخذ الوقت الكافي للهضم بين كل وجبة، وأخرى بما لا يقل عن 4 ساعات للوجبات التي تحتوي على البروتينات، و7 ساعات للوجبة الدهنية.
  • حيادية الأعشاب، والتوابل. فلابأس في تناول المكونات المشهية، والمنكهة مع العديد من الأطعمة. التي منها على سبيل المثال الثوم، الكركم، الزنجبيل، خل التفاح، الليمون، وغيرها من الإضافات المشهية، والمنكهة الطبيعية

الطرق الصحية لتناول الطعام

لقد اخترنا بعض النقاط المهمة بإيجاز لإهم طرق تطبيق تلك القواعد على تناول الطعام حسب هذه النظرية. وحرصنا على تبيان بعض الأسباب التي بنيت عليها هذه الطريقة مدمجة في النقاط. ومنها:

1. تناول الفاكهة بمفردها على معدة خاوية

هذا النظام لايؤيد تناول الفواكه بعد تناول الطعام مباشرة. حيث أن تناولها منفردة يجعلها تمر سريعا كما يجب عبر الجهاز الهضمي حيث هذه طبيعتها. فهي تعتبر غنية بالكربوهيدرات السريعة، والسكريات الأحادية، والثنائية التي تهضم سريعا. فهي لا تتفاعل بشكل جيد مع الأطعمة الأخرى الأكثر تعقيدًا بالنسبة للهضم.

لو تناولنا الفاكهة مع طعام آخر مثل البروتين، فسيكون هناك طعامًا مهضومًا جزئيًا يبقى في أمعائك أثناء هضم الطعام الآخر الأبطأ في عملية الهضم. بالتالي يؤدي هذا إلى سوء الهضم، و يحدث الانتفاخ، وتكثر الغازات، و تتفاقم بذلك أعراض هضمية كالقولون العصبي على سبيل المثال حيث سيتخمر الطعام المهضوم جزئيًا. نستطيع القول هنا انه لايصح تناول اي نوع من الكربوهيدرات السريعة الا بشكل منفرد على معدة خاوية.

2. لاتشرب الماء بعد تناول الطعام مباشرة

ينهى هذا النظام عن شرب الماء، والمشروبات الباردة، او المثلجات بعد تناول الطعام مباشرة. حيث ان الماء يقوم بتخفيف عصارة المعدة، والأحماض، والأنزيمات الهاضمة اللازمة لهضم الطعام. كما ان السوائل الأخرى كالعصائر، والمثلجات تحتوي على المياة، والكربوهيدرات البسيطة ايضا. كما ان تناولها باردةً يؤدي الى ارباك عملية الهضم حيث تعطل الحرارة التي تنتج عن الطاقة الهضمية. فإذاً لا يصح تناول المياه، والسوائل الا بعد تناول الطعام بساعة على الأقل. 

3. تناول البروتين مع الخضار غير النشوية

تحتاج الأطعمة البروتينية الى بيئة هاضمة حمضية، منها على سبيل المثال، المأكولات البحرية، مثل اسماك كالسلمون، اللحوم الحمراء، والدجاج، الجبن، والزبادي، والحليب، والكثير من البقوليات، والبيض. بينما تحتاج النشويات الى بيئة هضم قلوية كالبطاطس مثلا. لهذا يعتبر تناول البروتين مع النشويات مزيجا يؤدي الى سوء الهضم. يفضل تناول البروتين مقترنا مع الخضراوات الورقية التي تحتوي على نسبة عالية من الماء، كما انها غنية بالأنزيمات الخاصة بها فلا تحتاج الى بيئة قلوية لهضمها. منها على سبيل المثال الفليفلة او الفلفل الرومي، والبروكلي، الكرفس، القرنبيط، الهليون، السبانخ، الخيار، وغيرها من مثل هذه الخضراوات. يظهر انه علينا عدم تناول البروتين بصحبة النشويات.

4. مزج النشويات مع الدهون الصحية الطبيعية

لابأس في مزج النشويات مع الدهون الصحية الطبيعية. ويقصد بالنشويات هنا النوع الغير مختلط بالبروتين العالي. يمكن مزج الخضار النشوية كالبطاطا الحلوة، والبازلاء، وبعض الحبوب النشوية كالأرز، والذرة، والمكرونة وغيرها مع الزبدة، وزيت الزيتون، وزيت او حليب جوز الهند.

5. منح الفرصة للجهاز الهضمي لإستكمال الهضم

عند تناول وجبة من الطعام يحتاج هضمها الى عمليات حيوية عديدة، تكون منسجمة ومتناغمة. فتخيل حين تبدأ عملية الهضم بمقادير وآلية معينة تمت بشكل آلي على قدر الطعام، ونوعيته. ونقوم بإدخال طعام آخر فبالتأكيد سوف تختل تلك النسب، والآلية فتحاول التناسب مع الزيادة من جديد هذا يستنزف طاقة جسدية، ويحدث مشكلة في عملية الهضم بالتأكيد.

لذا لابد من اعطاء الفرصة لهضم الطعام، والتي قدرها العلم من 4 ساعات تقريبا الى 7 ساعات حسب نوعية الطعام.

مصدر النظرية و مؤيدوها

إن لهذا المنطق في تناول الطعام جذورا قديمة. وتجد مثل هذه الأساليب في تناول الطعام في الطب التقليدي القديم مثل الطب الهندي مثل (الأيورفيدا). ايضا تحدث عن شئ مثل ذلك العديد من علماء الطب القديم مثل (غالين) وكان هذا قبل الميلاد بمئتي عام. قبل ذلك بمئات الأعوام تحدث الطبيب اليوناني (ابيقراط/ ابو الطب). كذلك تحدث ايضا ابن سينا وغيره من الأطباء العرب عن علاقة الأمراض بالأطعمة، وأساليب تناولها. تجد ايضا في العديد من الأديان، والمصادر الروحانية ما يتحدث عن أساليب التعاطي مع الطعام، وآدابه.

لقد أحيا الطبيب (ويليام هوارد هاي) هذا المفهوم في عشرينيات القرن الماضي وكان قد تحدث عن هذا المفهوم وطوره بشكل طبي. بعد تجربة تعافي من امراض كان يعانيها تخلص منها بإتباع هذا النظام. واستخلص منه مايعرف اليوم بحمية هاي (Hay diet). وقد الف الدكتور هربرت شيلتون بعد ذلك عن هذا تفصيلا في كتابه الصادر عام 1951 بعنوان (الجمع بين الطعام بسهولة)(Food Combining Made Easy).[1]

في عصرنا الحاضر هناك زعيم المايكروبيوتك (Michio Koshi) الذي لم اجد من تحدث عنه بقوه في العالم العربي مثل الدكتورة مريم نور، والتي افادت الكثيرين ايضا من خلال هذا النظام ولها مؤلفات حول هذا. و لقد تحدث ميتشيو كوشي في كتب كثيرة عن علاقة الطعام بالصحة. منها كتاب نظام الماكرو بيوتيك، وكتاب الشفاء.

دحض نظرية خلط الاطعمة

هناك دراسة واحدة أجريت حول حمية هاي على مجموعتين لتخفيف الوزن. وذكرت أنه لم يكن هناك فرق يذكر بين الفئتين. سوى نقص الوزن لكليهما. ونلاحض هنا ان التركيز كان على تخفيف الوزن فقط، وليس على الاثر الصحي ككل.[1]

تقول الأبحاث ان هناك اطعمة تحتوي على اكثر من نوع من الغذاء في وقت واحد على سبيل المثال من الأغذية مايحتوي على البروتين، والنشويات معا. او البروتين، والكربوهيدرات. وان الجهاز مصمم للتعامل مع كل هذا. و انه ليس صحيحا ان هذا يؤثر على الجسد.

تثبت الدراسات ايضا ان الجهاز الهضمي له القدرة على فرز الطعام وهضمه رغم تناقضه، واختلاطه. كما أن الأمعاء تقوم بعمل جيد في تنظيم حموضتها. ايا كان الطعام الذي نتناوله، سيتم إطلاق حمض المعدة، مما يخلق بيئة حمضية للغاية. و عندما يغادر الطعام المعدة، تقوم الأمعاء الدقيقة بفرز البيكربونات لتحييد الطعام المهضوم جزئيًا. وهذا يبطل نظرية الجمع بين الاطعمة.

احتياج بعض العناصر لتواجد عنصر آخر قد يكون في طعام مغاير في عملية الهضم. منها مثلا فيتامين سي نحتاجه ليساعد في امتصاص الحديد، كما ان الدهون تساعد على امتصاص بعض الفيتامينات مثل A، و K، و D . وكل هذا لايؤيد عدم الخلط بين الأطعمة المختلفة.

دراسات تؤيد نظرية توافق الطعام

هناك دراسات تشيد بنظام الماكروبيوتيك في علاج الأمراض المزمنة الا انه لايتم التركيز على ذلك لإثبات جدوى هذا النظام الغذائي في علاج الأمراض منها دراسة تذكر ان طبيبا قد تعافا من السرطان بعد أن جرب اتباع نظام الميكروبيوتك. كما يذكر البحث نفسه أن اتباع هذا النوع من الأنظمة يمثل خطورة على الصحة، بسبب فقدان بعض العناصر الغذائية. هناك مقال بحثي ايضا يشيد بموضوع توافق الأطعمة في طب (الأيورفيدا) ويؤيد على المزيد من الدراسات في هذا المجال.[2] [3] [4]

ماذا نستخلص من مثل هذه الدراسات بغض النظر عن طريقة البحث، وعلى ماذا يركز من الأمور. نستخلص ان لنوعية الطعام، وطرق تعاطيه، والحميات الغذائية لها اثر في علاج الكثير من الأمراض، ونعتقد أن هذا دليل يكفي في ان طرق التعاطي مع الأطعمة لها اثر على الصحة.

خلاصة

صحتنا ترتبط ارتباطا وثيقا بما ندخله في جوفنا من الأغذية، ولا تصح مناعتك وتقوى حتى نهتم بنظامنا الغذائي. وبالطبع عندما تكون مناعتك قوية فسوف يكون جسدك مقاوما للعديد من الأمراض السارية.

إن الطاقة التي يصرفها الجسد بالنسبة للهضم ليست بالهينة. لذا فإننا بإختيار الطعام المناسب، و تناول الأطعمة المتوافقة نساعد الجسد على توفير الطاقة التي يستخدمها فيصبح هناك فائضا منها يستهلك في ازالة السموم، ومكافحة الأمراض. لاتستخدم حمية وقتية، بل استخدم اسلوبا صحيا للتعاطي مع الأطعمة. فالصحة غالية وتستحق العناء، كما تستحق ان نكبح شهوتنا الى خلط الأطعمة.

شارك الموضوع ان اعجبك

تشير الارقام التي داخل النص الى بعض المصادر. عند الضغط عليها سوف تنقلك مباشرة الى موقع خارجي له سياسات خصوصية واستخدام تخصه. و ليست ضمن مسئوليتنا.

تنويه المعلومات الواردة في هذا المقال لاتتعدى ان تكون معلومات ثقافية فقط نحسبها من مصادر موثوقة. نحن لانقدم مشورات تخص الصحة سواءا طبية او علاجية، او ندعي صحة المعلومات الواردة في هذا المقال. ننصح القارئ، ونحمله مسئولية التحري عن صحة المعلومات الموردة هنا، ووجوب العودة لذوي الاختصاص في التعاطي مع اي منها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *