هناك العديد من الأغذية التي قد توفر الحماية من السرطان. فقد ثبت أن النظام الغذائي الذي يتبعه الإنسان يؤثر بشكل كبير، سلبًا أو إيجابًا، على العديد من الجوانب الصحية. وأشارت الأبحاث إلى أن الأغذية قد تسهم في التسبب بالأمراض أو تساعد في مكافحتها، خصوصًا الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، السكري، والسرطان. بالمقابل، يمكن أن تدعم بعض الأطعمة الجسم في تقليل مخاطر الإصابة بهذه الأمراض والحد من مضاعفاتها.
سنتحدث هنا بشكل خاص عن علاقة الأغذية بمرض السرطان، الذي يُعد من أكثر الأمراض خطورة. فقد أظهرت الدراسات أن تطور مرض السرطان أو كبح نموه يتأثر بشدة بالنظام الغذائي. وسنتعرف على أبرز الأغذية التي تساهم في الحماية من السرطان ومكافحته بفضل احتوائها على مركبات مفيدة وفعالة.
اهم الأغذية التي توفر الحماية من السرطان
تحتوي بعض العناصر الغذائية على مركبات فعالة في مكافحة الأمراض السرطانية، وقد تدعم علاج السرطان وفقًا للعديد من الدراسات. وأظهرت بعض الأبحاث أن تناول كميات أكبر من أطعمة معينة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالسرطان بشكل فعال. إليكم أبرز الأغذية التي أشارت الأبحاث إلى دورها في الحماية من السرطان:
1. الجزر
يُعد الجزر غنيًا بالمواد المضادة للأكسدة، مثل الكاروتينات التي تتحول إلى فيتامين (أ) في الجسم. ويُعرف عن هذا الفيتامين دوره في دعم صحة الخلايا وتقليل خطر الإصابة بسرطانات مثل سرطان الجلد. يحتوي الجزر أيضًا على مركبات نشطة بيولوجيًا مثل الفالكارينول (Falcarinol) والفالكارينديول (Falcarindiol)، وهي مركبات أثبتت الدراسات أنها تقلل من نمو الخلايا السرطانية.
أشار تحليل لخمس دراسات إلى أن تناول الجزر بانتظام قد يقلل خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة تصل إلى 26%. كما أظهرت دراسة أخرى أن تناول كميات كبيرة من الجزر ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 18%.
في دراسة أجريت على مدخنين، أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين لم يتناولوا الجزر كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة بثلاثة أضعاف مقارنة بمن تناولوا الجزر أكثر من مرة في الأسبوع. وأشارت دراسة أخرى إلى أن استهلاك الجزر يرتبط بانخفاض احتمالية الإصابة بسرطان الثدي.
2. بذور الكتان
تُعتبر بذور الكتان من الأغذية الغنية بالألياف، الدهون الصحية، والعناصر الغذائية المفيدة التي تدعم الصحة العامة وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض السرطانية.
في إحدى الدراسات، تم تقسيم مجموعة من النساء المصابات بسرطان الثدي إلى مجموعتين، إحداهما تلقت علاجًا وهميًا، والأخرى تناولت فطيرة يومية تحتوي على بذور الكتان. وأظهرت النتائج انخفاض مستويات المؤشرات المرتبطة بنمو الورم لدى المجموعة الثانية، مع زيادة نسبة موت الخلايا السرطانية.
كما أظهرت تجربة أخرى على 161 رجلاً مصابًا بسرطان البروستاتا أن استهلاك بذور الكتان ساهم في تقليل نمو وانتشار الخلايا السرطانية بشكل ملحوظ.
3. التوت والعنب
يحتوي التوت على نسبة عالية من المواد الفينولية مثل الفلافونويد أو الأنثوسيانين، وهي أصباغ نباتية لها خصائص مضادة للأكسدة. وتوجد تقريبا في جميع الثمار التي تندرج تحت مسمى التوت. كتوت العليق، والعنب البري بأنواعه، والفراولة، كذلك العنب المعروف، تتركز فوائده المضادة للسرطان في البذور.
أظهرت إحدى الدراسات أن مستخلص التوت قلل من نمو الخلايا السرطانية بنسبة 7% بعد علاج 25 مريضًا بسرطان القولون والمستقيم بمستخلص التوت لمدة سبعة أيام.
أظهرت دراسة حيوانية أثر الفراولة في تحفيز الخلايا على الموت المبرمج، وفاعليتها ضد الأمراض الناتجة عن الإجهاد التأكسدي.
في تجربة علاجية على مرضى سرطان الفم باستخدام توت العليق الأسود المجفف بالتجميد، انخفضت المؤشرات المرتبطة بتطور المرض، وأظهرت الدراسات الحيوانية انخفاضًا بنسبة 54% في عدد أورام المريء عند إعطاء الجرذان توت العليق.
4. الجوز وانواع المكسرات
المكسرات غنية بمضادات الأكسدة، والمكافحة للإجهاد التاكسدي، بما في ذلك البوليفينول. ولها أثر كبير في تحسين الصحة. نظرا لإحتوائها على العديد من العناصر الغذائية المفيدة كالمعادن، والفيتامينات، والكربوهيدرات، والدهون.
يشير تحليل لدراسات على النظام الغذائي لمجموعة كبيرة من الأشخاص. أن تناول كمية كبيرة من المكسرات كان مرتبطًا بانخفاض خطر الوفاة بسبب السرطان. كما تابعت دراسة أخرى محموعة كبيرة من المشاركين لمدة تصل إلى 30 عامًا، أفادت أن تناول المكسرات بانتظام يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون، والمستقيم، والبنكرياس، وبطانة الرحم.
فيما يخص التجارب الحيوانية. أفادت إحدى الدراسات التي أجريت على الفئران التي غذيت بالجوز انه قد قلل من معدل نمو خلايا سرطان الثدي بنسبة (80٪) وقلل من عدد الأورام بنسبة (60٪).
5. زيت الزيتون
يحتوي زيت الزيتون على العديد من العناصر الغذائية المفيدة للصحة. حيث افادت دراسات متعددة عن فاعلية تناول زيت الزيتون الغني بمركب (Oleocanthal) في مكافحة الأمراض السرطانية.
تفيد مراجعة شاملة لحوالي 19 دراسة ناتجة عن الملاحظة. أن الأشخاص الذين استهلكوا كمية كبيرة من زيت الزيتون كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي، والجهاز الهضمي من الأشخاص الذين قد تناولوا كميات اقل.
كذلك ذكرت دراسة أخرى نتائج متابعة معدلات الإصابة بالسرطان في 28 دولة تقريبا. بأن المناطق التي يحتوي نظامها الغذائي على كمية أكبر من زيت الزيتون قد قلت لديهم معدلات الإصابة بسرطان القولون، والمستقيم.
6. الكركم
يعتبر الكركم من التوابل المعروفة ذات الخصائص المعززة للصحة. لإحتوائه على مركبات فعالة، ومكونات نشطة كالكركمين، الذي له تأثيرات فعالة، و مضادة للالتهابات، ومضادة للأكسدة، ومكافحة للسرطانات.
اشارت دراسة الى آثار الكركمين على 44 مريضًا يعانون من مشاكل في القولون، لديها امكانية التحول الى سرطان بعد 30 يومًا. انه بعد إعطائهم 4 جرام من الكركمين يوميًا تخلصوا بما نسبته (40 ٪) من تلك الآفات الموجودة.
تفيد دراسات عديدة بأن الكركمين يحفز موت الخلايا المبرمج، ويكافح العديد من السرطانات مثل سرطان الرئة، والثدي، والبروستاتا.
اثبتت أيضًا دراسات مختبرية عديدة أن الكركمين ذو فاعلية في إبطاء نمو خلايا سرطان الثدي، والبروستاتا، و الرئة. كذلك يقلل من انتشار خلايا سرطان القولون. ذلك من خلال استهداف إنزيم معين يرتبط بنمو السرطان.
7. الحمضيات
تعتبر الحمضيات من العناصر الغذائية المهمة للصحة حيث تحتوي على العديد من الفيتامينات المضادة للأكسدة بقوة مثل فيتامين سي. بالأضافة الى العديد من المعادن المهمة لصحة الجسد. وقد ارتبط تناول ثمار الحمضيات مثل الليمون، والجريب فروت، والبرتقال. بخفض خطر الإصابة بالسرطانات في العديد من الدراسات.
في دراسة عن الحمضيات واثرها في دعم مكافحة وعلاج السرطان، التي اجريت على عدد من المشاركين، وجدت بأن الذين تناولوا كميات كبيرة من الحمضيات اصبحوا اقل خطرا من حدوث اصابتهم بسرطانات الجهاز الهضمي، والجهاز التنفسي العلوي. كذلك اشارت مراجعة لعدد من الدراسات الى ان تناول كمية من الحمضيات يرتبط بانخفاض خطر الأصابة بسرطان البنكرياس. كما اشارت مراجعة اخرى لعدد من الدراسات أن تناول كميات كبيرة من الحمضيات، لا يقل عن ثلاث حصص في الأسبوع، قد يقلل مانسبته (28 ٪) من خطر الإصابة بسرطان المعدة.
8. خضر الأليوم
تعتبر الخضر التي تنتمي الى جنس (Allium) من العناصر الغذائية التي تساعد في الحماية من السرطان، وعلى وجه الخصوص الثوم، والبصل بأنواعها الأخضر، والعادي. والكراث ايضا. غنية بمركبات الكبريت العضوية، والكيرسيتين، والفلافونويد، والصابونين، و الأليسين، وغيرها من المركبات، المضادة للسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والمضادة الالتهاب، ومكافحة السمنة، والسكري، ومضادة الأكسدة، والميكروبات، والوقاية العصبية و التأثيرات المناعية، وغيرها الكثير.
ذكرت الدراسات التي أجريت على مجموعة كبيرة من المشاركين أن الذين تناولوا منهم الكثير من خضروات (الأليوم)، كالثوم، والبصل، والكراث. كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان المعدة من أولئك الذين نادرًا ما يستهلكونها.
لقد اشارت دراسات عديدة الى دور خضر الأليوم في المساعدة في علاج السرطان ومكافحته. كانت مجموعة منها حول الثوم على وجه الخصوص. ففي دراسة اجريت على مجموعة من الرجال، افادت انه نتيجة لتناول كميات كبيرة من الثوم انخفض لديهم معدل الإصابة بسرطان البروستاتا.
9. الخضروات الصليبية
توفر الخضر الصليبية وعلى رأسها البروكلي الحماية، وعلاج السرطان. حيث تحتوي على مركب السلفورافان، وهو مركب ضمن مجموعة إيزوثيوسيانات من مركبات الكبريت العضوي. يوجد في الخضروات الصليبية مثل البروكلي، والملفوف، وبراعم بروكسل وهو مركب له خصائص قوية وفعالة مضادة للسرطان.
تشير إحدى الدراسات وقد أجريت في المختبرات أن مركب السلفورافان قد قلل من عدد، وحجم الخلايا السرطانية للثدي بنسبة وصلت إلى (75٪). هناك ايضا دراسة أخرى اجريت على الحيوانات افادت بأن السلفورافان ساعد في القضاء على خلايا سرطان البروستاتا، وقلل حجم الورم بأكثر من (50٪).
تفيد دراسات ايضا بأن تناول كميات كبيرة من الخضراوات الصليبية كالبروكلي. قد يساعد في خفض خطر الإصابة بسرطان القولون، والمستقيم. حيث اظهرت هذه الدراسات وهي مايقرب من 35 دراسة تحليلا واحدا يفيد بما ذكر.
على الرغم من ثبوت الدراسات المختبرية، والتجارب الحيوانية بأثر تناول الخضر الصليبية في مكافحة الأمراض السرطانية. الا ان هذا لايكفي خصوصا انه ليست هناك دراسات واضحة تثبت اثره على البشر بشكل قاطع. ويحتاج ذلك الى المزيد من الدراسات. وهذا شئ يجب اعتباره. ولكن نظرا لتحليلات الأبحاث بأنه قد يكون هناك اثر فعلي لتناول الخضر الصليبية في مكافحة السرطانات لدى البشر. فمن الجيد الإهتمام بتوافر الخضر الصليبية في نظامنا الغذائي.
انواع اخرى من الأغذية تثبت التجارب المخبرية مكافحتها للسرطان
- البقوليات. وخصوصا انواع الفاصوليا.
- البامية. كونها تحتوي على بروتين الليكتين.
- الطماطم الطازجة لإحتوائها على مركب (اللايكوبين).
- المردقوش، والبقدونس.
- القرفة. وهي معروفة باحتوائها على مركبات مضادة للأكسدة.
- الأسماك الدهنية. حيث تحتوي على اوميقا3.
الخلاصة
يمكن للنظام الغذائي الغني بالعناصر الطبيعية المضادة للأكسدة أن يلعب دورًا كبيرًا في دعم الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية. ورغم النتائج الواعدة، من المهم استشارة الطبيب قبل إجراء أي تغييرات جذرية في النظام الغذائي، والاعتماد على نظام غذائي متوازن يعزز المناعة ويحافظ على الصحة.