قوة الصحة في قوة التواصل بين العقل والجسد
مثل ما ان لبدنك طعام يغذيه ويجعله ينمو ويصح، هناك للعقل غذاء ايضا يجعله ينمو ويصح. ان المعرفة والثقافة هي غذاء العقل. وكما ان هناك غذاء يفيد الجسد، وآخر يضره، هناك ايضا من غذاء العقل مايفيده ومنه مايضره. وما جعلك تدخل هنا الآن وتقرأ هذه الأسطر الا جوع عقلك.كما يدخلك جوع بدنك الى المطعم. وهذا امر طبيعي، وهذه من مقومات حياة الأنسان، وبدونها يموت.
لا حياة لأي شئ في هذه الدنيا دون قطبان. ونحاول هنا من خلال هذه الأسطر المتواضعة، ان نتأمل في ماعساه ان يكون قطبي الصحة.
ماهو العقل
لا شك ان كل مافي هذا الكون يتكون من شقين، شق مادي، وشق معنوي. ومن لم يفهم هذا فليس هناك قاعدة لمعارفه، وما يعتقده علم ومعرفة دون الإنطلاق من هذه القاعدة فليس بعلم، ولامعرفة. حيث لا أساس يقوم عليه بناءه المعرفي.
بناء على هذه القاعدة، نستنتج ان الإنسان يتكون من مجموعتين. مجموعة مادية وهي أعضاءك الجسدية، وهي تجتمع وتتوحد وتظهر بشكل واحد وهو جسمك. والمجموعة الأخرى معنوية وهي مجموعة افكارك، التي تجتمع وتتوحد وتظهر بشكل واحد وهو عقلك.
كذلك من خلال هذا المفهوم يمكنك القول ان لك جسدين احدهما جسد مادي وهو بدنك او جسمك الذي تظهر به لنفسك، وللآخرين، وتتحرك به، وتعمل به في هذه الحياة. والآخر جسدك المعنوي وهو عقلك الذي بناء على حركته تتحرك هذه الصورة او هذا الجسم، او البدن.
هذه ليست فلسفه، ولايعنينا هنا ماهية العقل او الجسد. ولن ندخل في مسائل ميتافيزيقية، او انطولوجية، او بيولوجيه. لكننا سنعرف هذا الإنقسام الواضح في الإنسان الى جسم، وعقل ( ولا تنس هنا اننا نعني بالعقل هنا مجتمع الفكر او ما تجسد فيه الفكر ). فهذا هو الواقع الذي نشهده، ولايحتاج الى دليل وفلسفة. فأنت عبارة عن جسد مادي وهو جسم يضم مجموعة اعضاء، وخلفه فكر يحركه نسمي موطن هذا الفكر ومحل تحليله بمسمى العقل.
ماذا يقول العلم
لندخل في الإطار العلمي قليلا لنرى ماذا يقول عن موضوع الفكر وعلاقته بالجسم او مايحدث لفكر الأنسان نتيجة مايتناوله من طعام.
يقول العلم بإختصار ان فكر الإنسان، وسلوكه نتاج بيولوجي، فهو نابع من خلال الدماغ او ( المخ )،نتيجة تفاعلات كيميائية تحدث في المخ او الجهاز العصبي من خلال المركبات الكيميائية التي يطلقها المخ، او مايسمى بالناقلات العصبية. وهذا التفاعل هو الذي يؤثر على التوجهات الفكرية، والسلوكيات لدى الإنسان وتطوره.
لقد بحث علماء الأنثروبولوجيا في هذا كثيرا لفهم خلق وتطور الإنسان والكائنات. ما اردنا قوله من ايراد هذا الإختصار البسيط، ولتسمحوا لنا إن كنا لم نتحدث بنفس الأسلوب العلمي لهذه الدراسات، حيث اننا تحدثنا بما مامعناه فقط. ومامعناه يوصل الفكرة التي اردنا الحديث عنها وهي ان هذا العلم قد اثبت ان للتفاعلات الكيميائية دخل في سلوك الإنسان وفكره. وهذا صحيح، بغض النظر عن مايريد ان يثبته العلم فيما يخص اصل الأحياء، او اثبات ان الإنسان هو كيان مادي بحت، او غير ذلك من المسائل.[1] [2] [3] [4]
الفكر وصلته بما يدخل الجوف
إن تأثير مانتناوله من طعام على فكر الإنسان هي مسألة واضحة نستشفها من تجاربنا الشخصية. ناهيك عن كونها قد ثبتت في العلوم القديمة، والحديثه. ماعليك سوى البحث وسوف تجد الكثير.
نعم إن ماتتناوله من طعام يؤثر على سلوكك وطريقة تفاعلك مع الفكرة، او اتجاهها. لو اردنا دليلا على ذلك من تجاربنا، لوجدنا الكثير منها. فأحيانا تتناول طعاما يجعلك نشطا طوال اليوم، وآخر قد يجعلك كسولا تود الراحة، والإسترخاء فقط، وآخر قد يبعث على القلق. وكل هذا يدل على ان مانتناوله فعلا يؤثر على المركبات الكيميائية التي يطلقها المخ، فيتأثر بالتالي فكرك. ولو اردت دليلا واضحا جدا على هذا فالمخدرات، والأدوية النفسية على سبيل المثال خير دليل.
إذا من الواضح هنا ان لما تدخله في جوفك اثر على عقلك، بغض النظر عن طريقتنا المتواضعة في ايضاح هذا، واغلب الظن ان الفكرة وصلت ولا تحتاج الى شرح.
دائرة العقل والجسم
قيل العقل السليم في الجسم السليم او العكس، وهو صحيح ايضا. ولكي يكون عقلك سليما لابد ان يكون جسمك سليما، و لكي يكون جسمك سليما فأنت تحتاج الى عقل سليم. فمن اين تبدأ.؟؟!! تأمل هذا قليلا. فما عرفناه ظاهريا وماديا ان الأب كان إبنا قبل ان يكون ابا، فإذا في الشق الخفي المعنوي لابد ان الإبن كان أبا قبل ان يكون إبنا.!!!
الحظ العظيم
اذا بدا لك انك لن تجد مخرجا الا في الحظ، فأنت قد فهمت مانعنيه، ونبشرك بأنك قد دخلت في الحظ العظيم. وإن لم تفهم شيئا فلا يسعنا إلا الدعاء لك.
نعم كيف تنتقي طعامك الذي يجعل عقلك سليما، وجسمك يحتاج الى عقلك السليم ليدله على مايجعله سليما.؟!!.
الصبر مخرجك الآخر
شرط المعرفة عدم الحكم بغير تجربة، او برهان. وشرط الجهل الحكم جزافا بغير دليل. عندما تتأنا، وتصبر، وتقف، وتنظر. سوف ترى مايدلك على الطريق، وقل الحمد لله، وترحم او ادع لإولئك الذين ضحوا وجربوا، وكانوا طلائعا ليدلوك على الطريق. لاتثق في فكرك دون دليل فيضلك، كما انه إذا لم يتسرب الشك الى فكرك، ومعتقدك فلن ترى الحقيقة. ولاتهرب من مرارة الصبر الى حلاوة العجلة. فالصبر مر ظاهره وعاقبته حلوه، والعجلة ظاهرها حلو وباطنها مرارة. لاتنعت من يلقون اليك بتجاربهم، بالهراء حيث وجدت في تجاربهم كبح لهواك. ويصرفك الكسل عن الوصول الى ماوصلوا اليه.
طعامك فيه صحة جسدك وعقلك
ها أنت امامك خبرات وعلوم متعدده تدلك على الطريق للوصول الى العقل السليم، والجسم السليم. كل ماعليك هو ضغطة زر لتصل الى ماتريد معرفته.
ان كل الأمور التي تساعدك في صحتك تحتاج الى نظام، وصبر، وإيمان بما تفعله او تتبعه. كالحمية على سبيل المثال فهي تحتاج الى نظام وصبر لتصل بك الى الفائدة. ليست هناك حبة تبتلعها في لحظة، ويخف وزنك، وحتى لو كان ذلك كذلك فتأكد انه امر غير طبيعي.
كل الاغذية لها فوائد، واضرار. لكن العجيب ان الضرر لايأتي في حالة معرفتك لكيفية تناولها بإعتدال دون افراط، ومعرفة افضل الطرق لتحضيرها. كما انه لايصيبك الضرر من اي شئ يعتبر غذاء دون الإفراط فيه. او أن يكون مناسب لك او غير مناسب. كالحساسية للأ شياء مثلا، او اختلاط عنصر لا يصح اختلاطه مع آخر. كذلك الأعشاب وكيفية، ووقت تناولها، وطريقة تحضيرها وقبل ذلك التعرف عليها.
صحتك تجدها في تفعيل الإتصال بين العقل والجسد
لايكون هناك عقل سليم صحيح دون جسم سليم، والعكس صحيح. لا اظن ان هناك من يشكك في هذا. فارتباط الفكر او الجزء المعنوي منا بالمادي الجسدي واضح. فأنت لاتستطيع العيش بأحدهما دون الآخر.
عقلك هو من يهضم الطعام وليس معدتك
إذا كان معولك يكسر الأحجار من تلقاء نفسه، وليس عبارة عن اداة تكسر انت بها الأحجار.!؟ فما نتحدث عنه هنا مجرد هراء. لايستحق المتابعة.
عندما يكون هناك خلل في معولك فإنك لاتستطيع تكسير الأحجار به كما يجب، فتشعر بالتعب، والضجر. وعندما يكون سليما كما يجب فحتما ستؤدي عملك بسهولة، ودون عناء. كذلك العقل مع الجسد.
أنت وجسدك
لابد انك ادركت مانرمي اليه، وهو انك انت العقل وجسدك هو معولك. وهذا شئ تعرفه وتدركه لم نأت لك بمعلومة جديدة عليك. غير انه ما جد عليك ربما هو لفت النظر الى الشق العملي من هذه النظرية. للعيش من خلال هذه الرؤية. ففهم النظرية شئ، وتطبيقها شئ آخر. فأنت تعرف ان هناك سباحة او قفز على سبيل المثال، والكثير من الأمور. لكن ممارستها تختلف عن مفهومها. وهذا هو الفارق بين العلم، والمعرفة.
تعليقات
إرسال تعليق